
دور الحكومات في الابتكار
ما الدور الذي لعبته بعض الدول والحكومات في نشر الابتكارات التي حققت نجاحًا عالميًا أو محليًا وفي قيام إمبراطوريات اقتصادية على مستوى العالم؟ ومن الأمثلة الجلية لمثل هذه الأدوار الدعم السخي الذي قدمته حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لتمويل وادي السيلكون إذ بلغ قيمة أحد القروض الذي مُنح لشركة أبل حوالي نصف مليون دولار أمريكي. كان للقوات المسلحة الأمريكية دورًا بارزًا في تطوير شبكة الانترنت٬ وخدمة الخرائط (GPS) والمساعدات الصوتية الافتراضية المدعمة بالصوت والدعم الذي قُدم إلى شركات الدواء والقطاع الصحي بشكل عام. يُعد هذا الدعم شكلًا واحدًا من عدة أدوار يمكن أن تلعبها الدول في إنجاح الابتكارات والشركات الناشئة. من ناحية أخرى ثمة جانبًا آخرًا من الأدوار الذي يمكن أن تضطلع بها الدول كإصدار القوانين التي تحمي حقوق الملكية لصناع المعرفة وتأسيس البنية التحتية القانونية الضرورية لدعم هذه الحقوق. ولكن ثمة أمر لا مفر منه يجب أن تعمل الحكومات على تحقيقه وهو خلق نظام بيئي يدعم الشركات الناشئة ويشجع العلاقات بين اللاعبين الأساسيين داخل ذلك النظام.
بعد الحرب العالمية الثانية قدم ألفريد مارشال والذي ساهمت أفكاره في بناء أوروبا ما بعد تلكم الحرب مجموعة من العوامل التي تؤثر في الابتكار وهي:
البنية المؤسسية
العلاقة بين الرياديين والممولين
نظرة المجتمع للتطوير
العلاقة بين المجتمعات العلمية والاقتصادية ودوائر الأعمال
القوى الإنتاجية والمؤسسات المالية
الدور الذي تلعبه الدولة في إحداث التغيير الرأسمالي وتجهيز الإطار لتطوير النمو الرأسمالي.
إن العوامل التي قدمها مارشال تدفع نحو تحقيق هدف واحد وهو التأسيس لنظام بيئي يخلق التفاعل بين عناصر النظام لتعمل معا. يشمل هذا التفاعل تشجيع البنوك على منح التمويل للشركات الناشئة وتحفيزها للانضمام لمشاريع البحث والتطوير والتي تؤدي إلى خفض مستوى التضخم، ومن جهة ثانية يشجع هذا النظام على خلق تدفق للمعرفة داخل النظام وتغيير نظرة المجتمع للتطور وتخلق نظرة منفتحة لدى عناصر تلك النظام نحو التكنولوجيا والعالم. إن مجموع هذا كله يؤثر في الابتكار ويزيد من النجاحات وبالتالي يدفع عجلة التنمية ويعزز درو الابتكار الاقتصادي.
اقرأ أيضاً
لماذا يجب أن يكون لديك استراتيجية ابتكار؟
إن التعامل مع الابتكار كمسألة تنظيمية ليست أمرًا يسيرًا وتتطلب إدارته كثير من الجهد من أجل تحويل الأفكار إلى منتجات تجارية عملية وخدمات إذ يجب أن تكون عملية وسلسلة غير خطية. فقدرة المنظمات على استدامة الابتكار مقرونة بسياق محلي ووطني داخليًا وخارجيًا، إذ تلعب الظروف الاجتماعية والاقتصادية دورًا محورياً في دفع الشركات على المجازفة في تبني الابتكار على المدى البعيد ليكون أساس التنافسية والبقاء والنمو المستمر.
لقد قدمت بعض الدول الآسيوية مثل اليابان مثالًا على القدرة على جسر الهوة بينها وبين الدول الأوربية المتقدمة من خلال استراتيجيات التركيز على الصناعة واستطاعت اللحاق بركب الدول المتقدمة من خلال تطوير التكنولوجيا وبذل الجهود لتطوير قدراتها الخاصة٬ وتحول التقليد الذي كان استراتيجيتها الأولى ليصبح الإبداع والابتكار هو العنوان الرئيسي.
إن هذا التحول يتطلب جهود مضنية من المنظمات والحكومات تحكمه إطارًا تعاونيا مدعومًا من الدول للنهوض بالاقتصاد القائم على ابتكار منتجات وخدمات وقودها المعرفة.