الابتكارالتحسيني

الابتكار التحسيني: فن التغيير البسيط لإحداث تحولات عظيمة

December 02, 20245 min read

في عالم الأعمال المتغير باستمرار، أصبح الابتكار ركيزة أساسية للنجاح. وبينما تثير الابتكارات الثورية اهتمام العالم، فإن الابتكار التحسيني الذي يتمثل في إجراء تحسينات صغيرة ومتواصلة يلعب دورًا بالغ الأهمية في نمو واستدامة المنظمات. يقدم كتابالعادات الذريةلجيمس كلير رؤى قيمة حول كيفية إحداث تغييرات صغيرة ومتواصلة يمكن أن تؤدي إلى تحولات كبيرة مع مرور الوقت. ومن خلال تطبيق مبادئ هذا الكتاب، يمكن للمنظمات الاستفادة من الابتكار التحسيني لبناء ثقافة التحسين المستمر، وتعزيز الكفاءة، والحفاظ على التنافسية.

يشير الابتكار التحسيني إلى التحسينات الصغيرة والمتدرجة التي يتم إجراؤها على المنتجات أو الخدمات أو العمليات أو الأنظمة داخل المنظمة. على عكس الابتكار الثوري الذي يعيد تشكيل الأسواق بأفكار جديدة تمامًا، يركز الابتكار التدريجي على تحسين وتطوير ما هو موجود بالفعل. ورغم أن هذه التغييرات قد تبدو بسيطة في البداية، إلا أنها تؤدي إلى فوائد كبيرة على المدى الطويل عند تطبيقها باستمرار. يركز كتابالعادات الذريةلجيمس كلير على القوة التحويلية للتغييرات الصغيرة. يتمثل المبدأ الأساسي في الكتاب في أن العادات، عند تكرارها باستمرار، تتراكم بمرور الوقت لتحدث نتائج مذهلة. تتوافق هذه الفلسفة بشكل وثيق مع مبادئ الابتكار التحسيني في النقاط التالية:

  1. قوة التحسين بنسبة 1% يوميًا يؤكد كلير أن التحسن بنسبة 1% فقط يوميًا يمكن أن يؤدي إلى نتائج استثنائية على المدى الطويل. في سياق المنظمات، يعني ذلك التركيز على تغييرات صغيرة قابلة للتنفيذ بدلاً من محاولة تغيير شامل دفعة واحدة. على سبيل المثال، تحسين عمليات خدمة العملاء بنسبة 1% أسبوعيًا يمكن أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في رضا العملاء خلال عام واحد.

  2. بناء الأنظمة بدلاً من الأهداف يشير كلير إلى أن التركيز على الأنظمة بدلاً من الأهداف المحددة أكثر استدامة. بالنسبة للمنظمات، يعني ذلك إنشاء بيئة يتم فيها دمج الابتكار التحسيني كعملية مستمرة داخل الثقافة المؤسسية بدلاً من أن يكون مشروعًا مؤقتًا. على سبيل المثال، عقد جلسات عصف ذهني منتظمة أو تفعيل حلقات التغذية الراجعة يعزز التحسين المستمر. اطلقت اسما على هذا المفهوم "زخم الابتكار".

  3. دور العادات في تحقيق النمو المستدام تمامًا كما تشكل العادات الفردية نجاح الأشخاص، تشكل العادات التنظيمية  مثل مراجعة الأداء بانتظام أو تشجيع التعاون بين الفرق نمو الابتكار على المدى الطويل. يمكن أن تؤدي التعديلات الصغيرة، مثل تحسين ميزات المنتج بناءً على ملاحظات العملاء، إلى تحقيق ميزة تنافسية كبيرة.

فوائد الابتكار التحسيني في المنظمات

في بيئة الأعمال الحديثة التي تتسم بالتغير السريع والتحديات المستمرة، يُعتبر الابتكار التحسيني أحد الأدوات الرئيسية التي يمكن للمنظمات الاعتماد عليها لتحقيق تحسينات مستمرة ومستدامة. بخلاف الابتكارات الثورية ذات المخاطر العالية والتكاليف الكبيرة، يركز الابتكار التحسيني على إجراء تحسينات صغيرة لكنها مؤثرة، مما يجعله خيارًا أكثر أمانًا واستدامة.

هذا النهج لا يقتصر على تحسين العمليات فقط، بل يعزز مشاركة الموظفين، يحسن الكفاءة، ويوفر ميزة تنافسية مستدامة. وبفضل التأثير التراكمي لهذه التحسينات الصغيرة، يمكن للمنظمات تحقيق تحولات جذرية مع مرور الوقت. فيما يلي أهم فوائد الابتكار التحسيني وكيف يمكن أن يسهم في تعزيز أداء المنظمات.

  1. تقليل المخاطر يعتمد الابتكار التحسيني على إجراء تغييرات صغيرة، مما يقلل من مخاطر الفشل. على عكس الابتكارات الثورية التي تتطلب استثمارات ضخمة وتحمل درجة عالية من عدم اليقين، فإن التحسينات التدريجية أكثر قابلية للتنبؤ وأسهل في التنفيذ.

  2. تحسين الكفاءة وإدارة التكاليف تركز التغييرات الصغيرة غالبًا على تحسين استخدام الموارد الحالية. على سبيل المثال، تحسين عمليات التصنيع لتقليل الهدر أو إدخال الأتمتة في المهام المتكررة يمكن أن يؤدي إلى وفورات كبيرة دون تعطيل العمليات.

  3. تعزيز مشاركة الموظفين يشجع الابتكار التحسيني الموظفين على المساهمة بأفكارهم للتحسين. يعزز هذا ثقافة التعاون والانتماء، حيث يشعر الموظفون بأنهم جزء من نمو المنظمة.

  4. تحقيق ميزة تنافسية مستدامة يمكن للمنظمات البقاء في صدارة المنافسة من خلال تحسين المنتجات والخدمات والعمليات بشكل مستمر. يضمن الابتكار التدريجي أن تظل العروض (اقصد بالعروض هنا الخدمات المنتجات التي تقدمها المنظمة) ذات صلة وتتماشى مع احتياجات السوق.

  5. التأثير التراكمي للابتكار تمامًا كما تتراكم العادات مع مرور الوقت، يحدث نفس الشيء مع الابتكارات الصغيرة. سلسلة من التحسينات الصغيرة يمكن أن تؤدي إلى نتائج تحويلية. على سبيل المثال، التحسينات التدريجية التي أجرتها أمازون في سلسلة التوريد لديها، مثل طرق التوصيل الأسرع واللوجستيات الأكثر ذكاءً، ساهمت بشكل كبير في تعزيز ميزتها التنافسية.

الابتكار خطوات صغيرة

تضمن التعديلات البسيطة والمتسلسلة تحقيق تحسينات ملموسة ومستدامة على المدى الطويل. تعتمد فعالية هذا النهج على تحويله إلى ممارسة يومية داخل المنظمة، مما يتطلب إنشاء نظم داعمة واستراتيجيات تعزز من استمرارية التحسينات. فيما يلي مجموعة من الخطوات العملية لتنفيذ الابتكار التحسيني بفعالية، حيث يتم التركيز على التغييرات الصغيرة، الاستمرارية، والارتباط الوثيق بالأهداف الاستراتيجية للمنظمة.

  1. ابدأ بخطوات صغيرة وركز على الاستمرارية ابدأ بإجراء تغييرات صغيرة قابلة للإدارة وتأكد من تنفيذها باستمرار. على سبيل المثال، يمكن للمنظمة أن تبدأ بتحسين جانب واحد من عملية استقبال العملاء قبل التوسع إلى جوانب أخرى.

  2. إنشاء نظام للابتكار قم بإنشاء أنظمة تشجع التحسين المستمر. يمكن أن يشمل ذلك اجتماعات منتظمة لمراجعة العمليات، أو تخصيص وقت لتوليد الأفكار، أو استخدام أدوات لتتبع وقياس التغييرات.

  3. الاحتفاء بالإنجازات الصغيرة كما يدعو كلير للاحتفاء بالخطوات الصغيرة في بناء العادات، يجب على المنظمات التعرف على الابتكارات الصغيرة ومكافأتها. هذا يعزز أهمية التحسين التدريجي ويحفز الموظفين على تقديم المزيد.

  4. قياس النتائج ومراجعتها استخدم مفهوم تتبع العادات من كلير لتقييم تأثير التغييرات التدريجية. يجب على المنظمات مراجعة نتائج الابتكارات بانتظام، وتعديل استراتيجياتها، والاستفادة من الملاحظات لتحسين أدائها.

  5. مواءمة الابتكار التدريجي مع الأهداف طويلة المدى على الرغم من التركيز على التغييرات الصغيرة، يجب أن تتماشى هذه التحسينات مع رؤية المنظمة وأهدافها الاستراتيجية. كل تحسين تدريجي يجب أن يُعتبر لبنة لبناء النجاح الشامل.

الابتكار التحسيني هو المكافئ التنظيمي لبناء العادات الذرية. كلاهما يعتمد على قوة التغييرات الصغيرة والمتواصلة لتحقيق تحولات كبيرة مع مرور الوقت. من خلال تبني المبادئ التي أوضحها كتابالعادات الذرية، يمكن للمنظمات تعزيز ثقافة التحسين المستمر، وتقليل المخاطر، والاستفادة من الفوائد التراكمية للابتكار. في عالم يتطلب التكيف والمرونة، يوفر الابتكار التحسيني مسارًا مستدامًا للنجاح طويل الأمد مما يثبت أن النتائج الكبيرة غالبًا ما تنبع من البدايات الصغيرة.

مدرب معتمد وخبير في الابتكار والتفكير الإبداعي

أسامة بدندي

مدرب معتمد وخبير في الابتكار والتفكير الإبداعي

Back to Blog

اشترك في نشرتنا الإبداعية

كن أول من يحصل على الجديد..!!

اشترك لتصلك تحديثات الدورات، أدوات التفكير الإبداعي، وكل ما يساعدك لبناء عقلية الابتكار.

أدخل بريدك الإلكتروني وكن أول من يعرف الجديد:

Copyright 2025. Innovologia. All Rights Reserved.