الابتكار

آفاق الابتكار الثلاثة: كيف نبني المستقبل في الحاضر؟

April 18, 20250 min read

جُبل الإنسان على الحفاظ على الوضع الراهن ما يُطلع عليها منطقة الراحة أو من ناحية تنظيمية الأنشطة التنفيذية. لكن في عال متغير يعتمد النجاح على كيفية استعدادنا للمستقبل وتكيفنا مع التغيرات التي تحدث بسرعة. سواء كنت قائدًا في منظمة كبيرة أو تعمل على مشروع جديد، من المهم أن تكون قادرًا على التفكير بعيدًا عن احتياجات اليوم والتركيز على بناء جسور للمستقبل.

تواجه العديد من الشركات والهيئات الحكومية تحديًا كبيرًا: كيف يمكن الحفاظ على النجاح الحالي بينما نخطط لفرص المستقبل؟ كيف يمكننا الاستمرار في تطوير أعمالنا اليوم وفي نفس الوقت استكشاف الابتكارات المستقبلية التي قد تغير قواعد اللعبة؟  يساعد نموذج الآفاق الثلاثة في الإجابة على هذه الأسئلة. يساعد هذا النموذج المنظمات على إدارة المستقبل من خلال التوازن بين ثلاثة آفاق زمنية: الحاضر، الفرص الناشئة، والابتكارات المستقبلية.

الأفق الأول: الحاضر - الحفاظ على الأساس

يمثل الأفق الأول الأساس الذي نعيش عليه اليوم. هنا نجد الأعمال الحالية: العمليات اليومية، المنتجات والخدمات التي تشكل لب العمل في المنظمة. التركيز  في هذا الأفق على الكفاءة هو الأهم، وتدور جميع الجهود حول تحسين استمرارية العمل وضمان الأداء الأمثل.

يعمل القادة في هذا الآفق بأسلوب منظم وتحليلي، حيث يتطلب الأمر التركيز على التفاصيل اليومية. الهدف هنا هو الحفاظ على استقرار الأعمال والاستمرار في تحسين العمليات بشكل مستمر. لكن المشكلة هي أن التركيز الكبير على الحاضر قد يجعلنا نتجاهل التغيرات المستقبلية. قد تأتي تغييرات غير متوقعة قد تضر بما بنيناه إذا لم نكن مستعدين لها.

الأفق الثاني: الانتقال - بناء الفرص المستقبلية

الأفق الثاني يمثل المرحلة الانتقالية حيث تبدأ الفرص المستقبلية في الظهور. في هذا الأفق، تبدأ المنظمات في استكشاف أفكار جديدة والبحث عن ممارسات وأعمال جديدة يمكن أن توسع نطاقها في المستقبل. مثلًا، قد تبدأ المنظمات في تطوير منتجات وخدمات مبتكرة أو بناء نماذج تجارية جديدة.

القادة هنا يعملون بأسلوب ريادي ومرن، حيث يتعاملون مع الفرص الناشئة ويستكشفون الاحتمالات المستقبلية. الهدف هو التجربة ودفع الابتكار مع الحفاظ على اتصال قوي بما يحدث في الحاضر. وهذا يتطلب إدارة التوتر بين الحفاظ على سير الأعمال اليوم وتقديم أفكار جديدة قد تتطلب تغييرات كبيرة في العمليات.

الأفق الثالث: المستقبل - الابتكار المدمّر

الأفق الثالث هو المكان الذي يتطلب التفكير بعيد المدى، حيث يتم استكشاف الابتكارات التي قد تغير قواعد اللعبة. في هذا الأفق، يتعلق الأمر ببناء الرؤية المستقبلية التي يمكن أن تعيد تعريف الصناعات والمجتمعات. القادة في هذا الآفق يتسمون بالتفكير الرؤيوي والمبدع، وهم مستعدون للمخاطرة الكبيرة بهدف إحداث تغيير جذري.

الهدف من هذا الآفق هو الاستكشاف، والابتكار الجريء، والسعي وراء أفكار جديدة قد تكون بعيدة عن الواقع الحالي، لكنها قد تصبح في المستقبل جزءًا أساسيًا من أعمالنا. لكن مع ذلك، يتطلب هذا النوع من الابتكار التعامل مع الغموض، وقد لا تكون الفكرة في البداية قابلة للتحقيق الفوري. ولكن، هذه الابتكارات قد تكون هي التي تقودنا إلى المستقبل.

كيف ندمج هذه الآفاق في قيادتنا؟

لتنقل عبر هذه الآفاق بشكل فعال، يجب أن نركز على التوازن بين الثلاثة. القيادة الناجحة تتطلب التعامل مع الحاضر للحفاظ على استقرار الأعمال، الاستثمار في المستقبل من خلال الابتكار، وفي نفس الوقت استكشاف الفرص الجريئة التي قد تحدث تحولًا في الأعمال.

يجب على القادة دعم الابتكار المستمر وتحفيز فرق العمل على التعلم المستمر. على سبيل المثال، يجب على القادة في الآفق الأول أن يركزوا على تحسين الكفاءة، بينما في الأفق الثاني، يتم تشجيع التجربة والمرونة. أما في الأفق الثالث، فيجب أن يكون التركيز على الابتكار الجريء الذي يضمن استدامة النجاح في المستقبل.

تصبح القدرة على التكيف مع المستقبل أمرًا أساسيًا للنجاح في عالم مليء بالتحديات والتغيرات السريعة. يقدم نموذج الآفاق الثلاثة إطارًا مرنًا للمساعدة في تحقيق التوازن بين ما نحتاجه اليوم وما يتطلبه المستقبل. إن النجاح لا يأتي فقط من إدارة الحاضر، بل من الاستعداد للمستقبل وبناء الابتكارات التي ستقودنا إليه.

مدرب معتمد وخبير في الابتكار والتفكير الإبداعي

أسامة بدندي

مدرب معتمد وخبير في الابتكار والتفكير الإبداعي

Back to Blog

اشترك في نشرتنا الإبداعية

كن أول من يحصل على الجديد..!!

اشترك لتصلك تحديثات الدورات، أدوات التفكير الإبداعي، وكل ما يساعدك لبناء عقلية الابتكار.

أدخل بريدك الإلكتروني وكن أول من يعرف الجديد:

Copyright 2025. Innovologia. All Rights Reserved.